الغاز يجمع بين مصر وإسرائيل في مصالح استراتيجية.. كيف؟
تشهد العلاقات المصرية الإسرائيلية في مجال الطاقة تطورًا كبيرًا مع اقتراب موعد اكتمال خط الأنابيب البحري الجديد الذي يربط بين ميناءي أشدود وعسقلان. هذا المشروع، الذي يبلغ طوله 46 كيلومتراً، يُتوقع أن يبدأ تشغيله في مايو 2025، ما سيساهم في زيادة حجم صادرات الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى مصر بمقدار 200 مليون قدم مكعب يومياً، ليصل إجمالي الصادرات إلى أكثر من 1.2 مليار قدم مكعب يومياً.
خلفية المشروع
تم الإعلان عن خط الأنابيب لأول مرة في يناير 2021 كجزء من جهود إسرائيل لتعزيز بنيتها التحتية لتصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، حيث تعتمد مصر بشكل كبير على الغاز الإسرائيلي لتلبية احتياجاتها المحلية المتزايدة، بالإضافة إلى إعادة تصديره إلى الأسواق العالمية. في الأصل، كان من المتوقع أن يتم الانتهاء من المشروع في أواخر عام 2022، إلا أنه واجه عدة تأخيرات بسبب مشاكل فنية، بما في ذلك خلل في سفينة مد الأنابيب المستخدمة في المشروع. فضلاً عن ذلك، تأثرت أعمال الإنشاء بالظروف الجوية غير الملائمة، مما أدى إلى تأخير إضافي في الجدول الزمني للمشروع
أهمية التوسعة لمصر
من الناحية الاستراتيجية، تُعد هذه التوسعة خطوة حاسمة لتعزيز دور مصر كمركز إقليمي للطاقة، حيث تعتبر مصر نفسها مركزاً مهماً لإعادة تصدير الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا وآسيا. تُعزز هذه التوسعة من قدرة مصر على استيراد الغاز الإسرائيلي بكميات أكبر، مما يتيح لها استخدام جزء منه لتلبية احتياجاتها المحلية، بينما يتم تصدير الباقي كغاز طبيعي مسال إلى الأسواق العالمية. هذه العلاقة المتبادلة ذات أهمية كبيرة لإسرائيل، التي تفتقر إلى منشآت تصدير الغاز الطبيعي المسال الخاصة بها، وتعتمد بشكل رئيسي على البنية التحتية المصرية للوصول إلى الأسواق الدولية
التحديات التي تواجه المشروع
على الرغم من الفوائد الكبيرة التي يحملها المشروع، إلا أن هناك تحديات تواجه تنفيذه واستغلاله بشكل كامل. من أبرز هذه التحديات، التأخير المستمر في الجدول الزمني للمشروع. على سبيل المثال، تم الإعلان في مارس 2023 عن تأخير إضافي في موعد الانتهاء من المشروع، حيث أُعلن عن تأخير لمدة ستة أشهر إضافية بسبب الظروف الجوية السيئة التي أدت إلى تأخير عمليات البناء. وفقاً لشركة INGL المشغلة للشبكة الغازية في إسرائيل، من المتوقع الآن أن يتم الانتهاء من المشروع في الفترة ما بين الربع الرابع من عام 2023 والربع الأول من عام 2024
بالإضافة إلى ذلك، يواجه المشروع تحديات داخلية في مصر، منها زيادة الطلب المحلي على الغاز نتيجة النمو السكاني والاقتصادي، مما قد يؤثر على حجم الغاز المتاح للتصدير. هناك مخاوف من أن يؤدي الطلب المحلي المتزايد إلى تقليل الكميات المتاحة للتصدير، وهو ما قد يؤثر سلبًا على إيرادات مصر من الغاز الطبيعي
الآثار المستقبلية للمشروع
مع اكتمال خط الأنابيب الجديد، من المتوقع أن تشهد مصر زيادة كبيرة في قدرتها على استيراد وتصدير الغاز الطبيعي، مما يعزز من دورها كمركز إقليمي لتجارة الطاقة. من المرجح أن تسهم هذه التوسعة في تقوية العلاقات الاقتصادية بين مصر وإسرائيل، حيث ستستفيد كل من الدولتين من تبادل الغاز الطبيعي بطريقة تعود بالنفع عليهما.
بالإضافة إلى ذلك، قد يُسهم المشروع في تعزيز أمن الطاقة في المنطقة، حيث يُمكن أن يلعب دورًا حيويًا في تلبية احتياجات الطاقة المتزايدة في مصر، مع إمكانية تحقيق فائض يمكن تصديره إلى الأسواق العالمية. هذا الفائض يُعتبر ضروريًا لضمان استقرار إمدادات الغاز الطبيعي في الأسواق الأوروبية والآسيوية، التي تعتمد بشكل متزايد على الواردات من الشرق الأوسط.
في الختام، يمثل مشروع توسعة خط الأنابيب البحري بين إسرائيل ومصر تطورًا مهمًا في علاقات البلدين الاقتصادية، حيث سيمكن من زيادة صادرات الغاز الطبيعي وتعزيز دور مصر كمركز إقليمي لتجارة الغاز. وعلى الرغم من التحديات التي تواجه المشروع، إلا أن الفوائد الاستراتيجية والاقتصادية المتوقعة تجعل من هذا المشروع خطوة حاسمة نحو تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي في المنطقة.