تعيين وزيرة التعاون المصرية في مصرف إماراتي يثير جدلا واسعا في أوساط السلطة
قامت وزيرة التعاون الدولي المصرية، رانيا المشاط، بالتجاوز على قانون الخدمة المدنية في مصر، الذي ينص على عدة ضوابط ومحظورات تتعلق بأنشطة الموظفين العامين خلال تأديتهم لمهام وظائفهم. أحد أهم هذه المحظورات هو الجمع بين وظيفتين أو أي نشاط آخر يمكن أن يؤثر على واجبات الوظيفة العامة، بالإضافة إلى عدم السماح بأداء أعمال للغير بمقابل أو مكافأة خلال أوقات العمل الرسمية. يجدر بالذكر أن هذا القانون ينطبق على جميع موظفي الدولة المصرية، بدءًا من رئيس الجمهورية وصولاً إلى أصغر موظف الدولة.
رانيا المشاط، البالغة من العمر 48 عامًا، ولدت في محافظة المنوفية في 20 يونيو 1975 وتلقت تعليمها في القاهرة، تخرجت من الجامعة الأميركية بدرجة البكالوريوس في الاقتصاد. وتشتهر بأنها ابنة الدكتور عبد المنعم المشاط، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة المستقبل غير الحكومية.
قام والدها بتأثير كبير على شخصية رانيا المشاط وتشكيل شخصيتها، وتتبنى رؤى سياسية تعلنها بوضوح في جلساتها الخاصة والعامة على حدٍ سواء. حين كانت صغيرة، شهدت المشاط محادثات ومناقشات في منزل والدها تتعلق بالسياسة والأمن والاقتصاد، وهذا دفعها للتمني بأن تلعب دورًا في صنع القرارات الاقتصادية في مصر. وقد تحقق لها هذا الأمر بامتياز، من عملها في البنك المركزي مرورًا بتقلّدها منصب وزيرة السيياحة وحتى جلوسها على مقعد وزير التعاون الدولي في البلاد.
حصلت رانيا المشاط على درجة الماجستير في الاقتصاد من جامعة ماريلاند في الولايات المتحدة في عام 1998، وحصلت على درجة الدكتوراة من نفس الجامعة في عام 2001. وقبل تعيينها في المصرف الإماراتي، شغلت مناصب عديدة في البنك المركزي المصري، بما في ذلك منصب نائب مدير ورئيسة قسم السياسة النقدية.
في أغسطس 2023، تم تعيين رانيا المشاط في مجلس إدارة مصرف أبوظبي الإسلامي الإماراتي، وهو الأمر الذي أثار جدلاً واسعا في أوساط النخبة باعتباره انتهاكًا للقانون المصري الذي يمنع الجمع بين الوظيفة الحكومية وأي وظيفة في جهة أخرى داخل البلاد، فمال خارجها.
وهذا التعيين في مصرف إماراتي أثار تساؤلات حول الصراع المحتمل بين المصالح، الذي يذهب فيه البعض من دوائر السلطة إلى تتنافى مسؤولياتها الحكومية مع دورها في المصرف الإمارتي الخاص.
يذكر أنه في 8 أغسطس، تقدم النائب بالبرلمان المصري محمد الصمودي، بسؤال برلماني، إلى المستشار حنفي جبالي رئيس المجلس، وإلى مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، حول مدى ملاءمة قرار تعيين الوزيرة في مجلس إدارة أحد المصارف الإماراتية، لأحكام القانون والدستور.
وقال الصمودي، في سؤاله: “أثار إعلان تعيين وزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط عضوا في مجلس إدارة أحد البنوك الخليجية مقابل 40 ألف دولار شهريا، جدلا واسعا والكثير من الغضب بين المواطنين في الشارع المصري”.
وأرجع البرلماني ذلك إلى وجود شبهة تضارب مصالح بين المنصبين، وذكر أنه يشكل مخالفة صريحة للدستور الذي يحظر على الوزراء الجمع بين أكثر من منصب.
إجمالاً، يعتبر تعيين رانيا المشاط في مصرف إماراتي أمرًا مثيرًا للجدل ويثير تساؤلات حول مدى قانونية هذا الإجراء ومدى توافقه مع قوانين الخدمة المدنية في مصر. إذ تمثل هذه القضية أحد أمثلة الجدل حول التعامل مع مسائل الصراعات المحتملة للمصالح بين الوظائف الحكومية والأنشطة الخاصة في السلطات الحكومية.
يذكر أن من أسباب الإطاحة بالمهندس إبراهيم محلب من منصبه رئيسًا للحكومة المصرية، اكتشاف دوائر رقابية وعليا في البلاد جمعه بين منصبه السيادي الحساس في مصر وعمله في شركة استثمار كويتية.