التعدين والمياهمخاطر جيوسياسيةممنوع من النشر

بالمستندات.. “المُلّا”  يفشل في تنفيذ “مصفاة الذهب”: “عايزالها 100 مليون دولار”  

شركة (AJHGOLD) المتخصصة في انتاج الذهب تهدد وزير البترول باللجوء إلى المحاكم الدولية إن لم يحميهم من "الدهابة"

حصل “بترو بوست”  على صورة من خطاب رسمي شديد الخطورة وصل إلى المهندس طارق الملا وزير البترول في مكتبه بالوزارة، محتوى الخطاب يهدد سمعة الاستثمار بمصر إذا لم يتم التعاطي معه بالأهمية اللائقة، لكن الوزير لم يعره أدنى إهتمام بعد مضي عدّة اشهر  على إرساله وبرغم ما احتواه من معلومات خطيرة للغاية تضرب سمعة الاستثمار الأجنبي في مجال استكشاف واستخراج الذهب بالبلاد.

الخطاب عبارة عن تهديد باللجوء إلى التحكيم الدولي إذا لم يتحرك وزير البترول  بسرعة لمساعدة شركة (AJHGOLD) المتخصصة في البحث والاستكشاف وانتاج الذهب في بسط نفوذها وممارسة نشاطها  البحثي والاستكشافي في مناطق امتيازها بـ “القصير” و “ادفو” بعدما قامت مجموعات إجرامية –الدهابة- بطرد الشركة منها.

وكانت شركة (AJHGOLD) قد أرسلت في 31 أغسطس 2022 خطابًا إلى “الملا” تستغيث فيه من سيطرة عصابات الدهابة على مناطق امتياز الشركة في الصحراء الشرقية، وقال “مارك كامبل” رئيس مجلس إدارة الشركة ومديرها العام في خطابه: “نريد فقط مواصلة برنامج الاستكشاف الخاص بنا دون تدخل خارجي وتهديدات بالعنف ضد موظفينا والحاق الضرر بمعداتنا أو الابتزاز مقابل المال من المجرمين”.

 

الدهّابة يعملون في مناطق امتياز الشركة الدولية

وأضاف “كامبل”: ” لقد ازدادت تهديدات المنقبين غير الشرعيين والمجرمين سوءًا بمرور الوقت،….، تلقينا تحذيرات من عصابات إجرامية في “القصير” و “ادفو” تمنعنا من الذهاب إلى أرضهم “.

أخطر ما جاء في الخطاب أن الشركة قالت أنها: “أوقفت العمل فعليًا في إحدى مناطقها لأكثر من شهرين وتحتفظ بحقّها في طلب الانصاف في التحكيم”.

وأضافت الشركة ” قلقنا الآخر هو أننا لا نعرف من هم هؤلاء المجرمين وأن الأموال التي تجنيها من هذه الانشطة غير القانونية يمكن أن تستخدم في المخدرات والإرهاب..”.

يأتي ذلك بعد شهور من الطلب  الذي وجهه الرئيس السيسي إلى وزير البترول في 16 يناير 2021 أن يقوم بتجهيز البيئة الحاضنة لاستقبال مزيد من الاستثمارات في مجالات الاستكشاف والبحث عن واستخراج الذهب في مصر.

إذ وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتوفير الموارد المالية لإنشاء مدينة وفق أحدث التقنيات، لصناعة وتجارة الذهب، تعكس تاريخ مصر الحضاري العريق في هذه الصناعة الحرفية الدقيقة.

وقال المتحدث باسم الرئاسة بسام راضي أن إنشاء المدينة تناوله السيسي خلال اجتماع عقده مع رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي وعدد من كبار المسؤولين بينهم وزير البترول.

وتزخر مصر بعدد من المناجم التي تمثل درة إنتاجها من الذهب الخام، حيث برع المصريون منذ عهد أجدادهم الفراعنة في استخراج الذهب من المناجم، فلم يثبت من خلال دراسات علماء المصريات أنهم قاموا باستيراد الذهب المستخدم في مشغولات الزينة أو المنحوتات الجنائزية.

وقبل سنوات لم تكن مصر موجود على خريطة إنتاج الذهب، إلا بعد تشغيل منجم السكري عام 2010 الذي توقف الإنتاج به عام 1954، ويحوي نحو 15.5 مليون أوقية ذهب.

واستقبلت مصر أول مدرسة تكنولوجيا تطبيقية متخصصة في صناعة الحلي والمجوهرات بنظام الـ 3 سنوات، الدفعة الأولى في العام الدراسي 2019 – 2020، لتصبح صرحا غير مسبوق في تأهيل صانعي الذهب في مصر.

إلى ذلك يبدو أن ملف الذهب في عقل وزير البترول والثروة المعدنية لم يلق الأهمية التي تناسب حرص الرئيس السيسي على إنماء وتطوير هذه الصناعة بالبلاد، أو قل أن العجز هو النمط الواضح  في هذا الملف داخل وزارته خاصّة بعد التصريحات الأخيرة المتشائمة للغاية أو قل غير المبشرة لوزير البترول عن “مصفاة الذهب” التي وجّه بتنفيذها الرئيس السيسي قبل أكثر من عام.

إذ بدت تصريحات المهندس طارق الملا عن تلك المصفاة شديدة اليأس، مليئة بالكثير من مفردات العجز وذلك في كلمته إلى أعضاء لجنة الطاقة خلال الاجتماع الذي شهدته القاعة الزرقاء بمبنى الري داخل مجلس النواب الخميس الماضي 15 ديسمبر 2022.

وكان النائب حمادة الجبلاوي وكيل لجنة الطاقة في مجلس النواب قد سأل “المُلّا” عن “مصير مصفاة الذهب التي صرّح بها ووجه بتنفيذها السيد رئيس الجمهورية قبل فترة” وعن “معدّلات التنفيذ فيها؟”.

وزير البترول يفي لجنة الطاقة يؤكد عزم الدولة إنشاء أول مصفاة للذهب في مصر

قال الوزير: ” بغض النظر عن التصريحات..  فإن مشروع مثل ذلك سيتكلف 100 مليون دولار، ولقد قمنا بعمل دراسات الجدوى وقدمنا اقتصاديات المشروع ومكانه، ومحتاجين فقط المستثمر”.

وتأتي خطورة هذا التصريح، أن كافة تصريحات وزير البترول عن تنفيذ تلك المصفاة، لم تخرج عن حيز الأوراق، وأن الوزارة ما تزال تبحث عن مستثمر لذلك الموضوع.

وهو تصريح من الوزير يكذّب فيه نفسه في تصريحات سابقة له عن أن وزارته بدأت فعليًّا في تنفيذ أول مصفاة للذهب بالبلاد، وقال “المُلّا” في تصريح له خلال كلمته أمام الاجتماع التشاوري الثامن لوزراء التعدين والثروة المعدنية العرب بالرياض 13 يناير 2022، أي قبل عام تقريبًا : “أنّه يتم العمل حاليًّا على تنفيذ أول مصفاة ذهب معتمدة في منطقة مرسى علم بالصحراء الشرقية”.

إلى ذلك فإن “مجموعة يوروجيت الاستثمارية المصرية”  قد دشّنت عام 2016 مشروعًا مشابهًا يُعدّ أكبر مصفاة لتكرير الذهب في غانا وغرب أفريقيا، وحظى افتتاحه بحضور رئيس الجمهورية الغاني وعدد من الوزراء ونواب البرلمان هناك، وهو المشروع الذي أقامته المجموعة المصرية بقيمة 110 ملايين دولار بأحدث التقنيات العالمية وقد حضر فعاليات الافتتاح وقتها السفير محمد حيدر سفير مصر في غانا.

 

وأشار السفير المصري في تصريحات صحفية للإعلام الغاني هناك إلى: ” أن المصفاة لا تقتصر على تكرير الذهب فقط، وإنما تشمل المعادن النفيسة أيضًا، مؤكدا على الاهتمام المصري المتزايد بالسوق الغاني، وأنه جاري تعزيز التعاون وجذب الاستثمارات في مجالات الصحة والزراعة والدواء وغيرها من مصر إلى غانا”.

 

وقد حظى افتتاح المصفاة باهتمام إعلامي ورسمي واسع في ضوء أن غانا تعد من الدول الرئيسية في إنتاج الذهب في العالم، حيث اعتبر هذا المشروع ثمرة للتعاون بين البلدين مصر وغانا، وتحقق المجموعة يوروجيت الاستثمارية المصرية هناك قيمة مضافة تدعم  من خلالها هذه الصناعة الهامة بشكل كبير في الدولة الافريقية.

 

وقتها أكد سفير مصر في غانا: “أن الرئيس الغاني عبر عن سعادته بهذا المشروع المصري الهام وتطلع إلى مزيد من الاستثمارات المصرية”.

إلى ما سبق.. فكيف يستقيم ذلك  الإنجاز المصري في دولة “غانا” مع تأكيد المهندس طارق المُلّا بأن وزارته ما تزال تبحث عن مستثمر أجنبي في هذا المجال، وهناك شركة مصرية دشنته بالفعل قبل 6 سنوات في تلك الدولة الافريقية البعيدة..؟ّ!

الإجابة عند السيد المهندس وزير البترول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى