مستندات تكشف تخوفات من إهدار المال العام في هيئة الثروة المعدنية بأرقام ضخمة
في ظل ما تشهده البلاد من تنمية صناعية تعتمد على استغلال الثروات التعدينية، برزت تخوفات حول دقة البيانات المالية والضريبية المتعلقة ببعض الشركات العاملة في هذا المجال الحيوي. وتأتي شركة “ديل ميكر للتعدين وخدمات المناجم” وشركة “الباسم باسم للتعدين” في بؤرة الضوء، نظرًا لما تشير إليه مستندات وقعت تحت يد جريدة “البلاغ” من أرقام ضخمة تتعلق بإيرادات وتوريدات خام الفلسبار.
الفلسبار: حجر الأساس للصناعات
تُعتبر شركة “ديل ميكر” أحد اللاعبين البارزين في سوق خام الفلسبار، حيث تقوم بتوريد كميات هائلة من هذا المعدن إلى عدة شركات كبرى، مثل “السويس للتعدين” و”كنوز للتعدين” و”السعيد للتعدين” و”أركان للتعدين”. وبحسب ما ورد، فإن أسعار توريد الطن الواحد من خام الفلسبار تتراوح بين 3800 و4500 جنيه للدرجة الأولى، وبين 1200 و2000 جنيه للدرجة الثانية.
التخوفات الضريبية والمخالفات المحتملة
رغم الأرقام الكبيرة التي تُظهرها الدفاتر التي بحوزة الجريدة، تثار شكوك جدية بشأن مدى تطابق هذه البيانات مع ما يتم تقديمه رسميًا إلى الجهات الحكومية المعنية، ومنها هيئة الثروة المعدنية ومصلحة الضرائب المصرية. ووفقًا للمصادر، فإن هيئة الثروة المعدنية تُلزم الشركات بسداد نسبة محددة من قيمة المعادن المستخرجة، وهي نسبة تهدف إلى تعظيم العائد الوطني من الثروات التعدينية.
ومع ذلك، تتزايد المخاوف من احتمال وجود فجوة بين الأرقام الفعلية لتوريدات الفلسبار وبين تلك المُعلن عنها رسميًا. هذه الفجوة قد تؤدي إلى نقص في مستحقات الدولة سواء من الرسوم المفروضة على عمليات التعدين أو من الضرائب التي تُستحق على الشركات.
التداعيات المحتملة
إذا ثبتت صحة المخاوف، فإن الأمر لا يقتصر على تأثيره المالي فقط، بل قد يُلقي بظلاله على سمعة قطاع التعدين ككل. إذ أن وجود أي خلل في التزامات الشركات تجاه الدولة قد يُضعف من ثقة المستثمرين في شفافية السوق المصرية.
دعوة إلى الشفافية
في هذا السياق، تبرز ضرورة تعزيز الرقابة الحكومية على أنشطة التعدين، مع التأكيد على أهمية تقديم الشركات بيانات دقيقة ومحدثة تتماشى مع الواقع. ويُعتبر تطوير أنظمة إلكترونية متقدمة لتتبع عمليات الإنتاج والتوريد والتسوية الضريبية خطوة أساسية للحد من أي تلاعب محتمل.
ختامًا
يبقى الدور الأكبر على الجهات الرقابية في التأكد من صحة البيانات المقدمة، بما يضمن تحقيق العدالة الضريبية وتعظيم الاستفادة من ثروات مصر الطبيعية. فالحفاظ على الشفافية هو المفتاح لتعزيز مكانة قطاع التعدين كركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الوطني.