عزبة مصر للأسمنت قنا.. صفقة فحم بـ389 مليون يحصل عليها شريك المسئول الكبير بالأمر المباشر
اقتصار الشراء من شركة ريلانس للفحم بالأمر المباشر لصالح الشركتين (مصر للأسمنت قنا و تابعتها شركة أسمنت المنيا) يفتح مجال للشك في جدوى التقارير الرقابية
بينما يتخبط البلد في ضبابية الفساد، ويغضب بعضٌ غير قليل من الشعب على نظام الحكم أن استعان بنفر من الفاشلين أو الفاسدين في إدارة بعض قطاعات حيوية في الدولة، نجد جحافل وعصابات الفساد ما تزال تنخر في جسد الوطن بلا هوادة، حتى باتوا يعكرون صفو الكثير من الإنجازات الكبيرة التي صنعها رئيس الجمهورية على عينيه في مجالات متعددة على رأسها النقلة النوعية في البنية التحتية والصحة غيّرت شكل الحياة في مصر.
مصر التي كان جلّها يعاني من فيروس سي، وكانت المسافة من العباسية إلى ميدان رمسس كافية لأن تقضي على معظم ساعات النهار للواح فينا، أصبحت غير مصر الآن في انسيابية الحركة المرورية وجودة الطرقات، المصريون الذين هدّهم فيروس سي لعقود عادوا أكثر حيوية بعدما أصبح الوباء مجرّد حكاية من حكايات من الماضي القريب، و بعدما صارت الرحلة من القاهرة الجديدة إلى مدينة 6 اكتوبر أقل من الوقت الذي يستغرقه المواطن في مكالمة هاتفية مع صديقه.
وقف المصريون مع الرئيس السيسي لأنهم لمسوا إخلاصه في التغيير ورغبته القوية في بناء مصر حديثة، وإصراره على تدشينه جمهورية جديدة، قبلوا بالصمت مفروضا عليهم، وتوافقوا مع ديكتاتورية نظامه لأنهم تأملوا عدالاتها في تضرب بيدٍ من حديد على كل فاسد أو منحرف.
قبلوا بالقمع راضين وإن قست عليهم إجراءاته في حرية في التعبير، قبلوا بالشدّة من دوائر في نظام السيسي لأنهم لمسوا صدق الرئيس وجهده في العمل والبناء.
غير أن ما بناه الرئيس في وجدان المصريين من قناعة بأنه يصل الليل بالنهار من أجلهم، وما شاهدوه من نقلات نوعية في تحسين الطرق والمواصلات، والنقلة النوعية التي شهدتها المنظومة الصحية فبات أصحاب الأمراض الممستعصية يعالجون بالمجان في مستشفيات الجمهورية، وارتقت خدمة العلاج المجاني إلى مستوى المستشفيات الخاصة، وبنى نظام السيسي منظومته الخاصة للحياة الكريمة بالريف في طفرة تنموية عجزت عن فعلها كل الأنظمة التي سبقته في حكم مصر، فشهد الريف لأول مرة في تاريخ مصر دخول الصرف الصحي إلى النجوع والحارات، ومن اجل هذا التفّ المصريون حول الرئيس وهو يصارحهم بالأوجاع والأمراض التي يعانيها اقتصاد البلاد، ربطوا الأحزمة على بطونهم، تحملوا الأوجاع من زيادة الأسعار بشكل غير مسبوق في حياتهم، تحملوه.. حتى أعياهم في بعض الأحيان عن توفير الكثير من الضروريات، قبلوا بذلك كله عن طيب خاطر لأنهم صدّقوا الرئيس.
وبينما المصريون على هذا الحال تظهر لهم عصابات الفساد من حولهم هنا وهناك تعكّر توافقهم الوجداني مع الرجل –الرئيس- الذي يطالبهم بالصبر لأنه يريد أن يبني لهم دولة، وبينما يستمعون للرئيس هكذا.. يشاهدون في الناحية الأخرى عصابات الفساد وقد استعانت بقطعانها لتقويض أسس النزاهة وتكسير دفات الشفافية.
وعلى ما سبق فإننا لنا في شركة مصر للأسمنت خير مثال على ما يحدث من انحرافات تساهم في تشوية صورة نظام الرئيس السيسي داخل الوجدان الشعبي للمصريين، خاصة ممن توافرت لهم فرص الاطلاع على تلك الإنحرافات، إذ تعاني شركة أسمنت قنا من عصابة أخذت على عاتقها توريط “رئيس مجلس الإدارة” في قبوله ما يفعلون، وإن كنّا نعتقد بأن الرجل لا يرى ما يفعلون، لاعتبارات كثيرة أهمّها أن الرجل ليست لديه الخبرة الكافية في فهم ما يفعل أو فهم ما يفعلون.
فالرجل يبدو أن فهمه لتعقيدات صناعة الأسمنت من الصعوبة بمكان حتى بدا شبيها بالأسير الذي سقط فجأة في متاهات ميدان عسكري تسيطر عليه فئة باغي، لا سلاح في يديه، أو أنّ السلاح معه لا ينفعه في كشف ألاعيبهم.. الرجل بتاريخه العريق بين أركان القتال والمناورات الحربية. بدا فارغ الرؤية وخالي الوفاض من الخبرات الصناعية والتسويقية والتشغيلية التي تؤهله لفهم ألاعيب الحواه، من تربى على الطهارة يصعب عليه أن يتخيل حجم قذارة الآخرين، ما ساهم وهو على هكذا حال في أنه أصبح عُرضة للاستغلال والتوجيه من قبل تلك العصابة.
لقد باتت الإشارات واضحة كالنجوم في سماء الليل المعتم، إذ تسربت عبقرية الفساد إلى أركان مختلفة في الشركة. وكما يتفرع نهر الفساد بأذرعه المظلمة، تتوارى وراء الإيدي الساذجة عصابات التربح من تحت الطاولة.. فبينما يسعى الرجل –حرحور- إلى النهوض بالشركة وتطويرها، نجد هذه العصابة وقد بنت لنفسها بالقرب منه معقلًا للخيانة والتآمر عليه.. تعيش على حساب تاريخه العسكري العظيم، فيورطونه في كل يفعلون، لا يتربّح من دعمه لهم أن وثق فيهم.. لكنهم يتربحون، يستند عليهم وهم منه في غيابه يسخرون.. خيرًا تعمل شرًا تلقى.
عبده مغربي يواصل كشف انحرافات “مصر للأسمنت” ويروي حكاية “مدام سالي
وفي هذا المشهد الكئيب، لا يصبح الصمت فضيلة، ولا كشف ستر المخطئين..رذيلة، يجب أن تنتفض الحناجر بالصراخ، ذلك لأننا وإن صمتنا برهة عن الإستمرار في كشف انحرافات عصابة الفساد داخل شركة مصر للأسمنت ما صمتنا إلا لأن زعامة دينية كبيرة يحبّها المصريون جميعًا طلبت أن نعطي اللواء أركان حرب عبدالفتاح حرحور فرصة ليحقق فيما نكتبه، فيجازي من يجازي وينصف من ينصف، وأن يحقق في الأمر فيحيل من تورط في فسادٍ إلى النيابة العامة، أو يبعد المشبوهين عن دوائر القرار.. لكن الصمت طال، شهورًا عديدة، لا الرجل حقق، ولا الفسدة عوقبوا، ولا أرسل ردًا يصحح أمرًا مما كتبناه إن وجده يستحق التوضيح، حتى أن أجهزةً رقابية حققت، فلما هدأت الأقلام هدأوا، دوائر من حول اللواء حرحور يقولون أنهم تمكنوا من إغراء عناصر رقابية، وهو مسلك نعلم جيّدًا أن الرجل-حرحور- لا يسلكه، بل إنه أمر رجاله بمعاونة عناصر هذه الأجهزة في بحثهم عن الإنحرافات، بأن يقدّموا لهم كافة المستندات والأوراق التي يطلبونها، خاصة وأن الملف على حالته يرتبط بثقة المستثمرين في مناخ الاستثمار في البلاد
إلى ذلك ونتناول اليوم ما وعدنا به في الحلقة الأخيرة قبل عدّة أشهر من فتح ملف انحرافات الكبار في شركة مصر للأسمنت.. إلى التفاصيل:
إلى أين وصلت تحقيقات الأجهزة الرقابية في صفقة بيع الفحم ؟
لقد جاء بمحضر مجلس الإدارة لشركة المنيا والمنعقد بتاريخ 21 مارس 2022 في البند سادسا ما يلي :-
اعتماد مذكره بشأن شراء شحنة فحم حجري :
قام السيد اللواء / رئيس مجلس الادارة ورئيس الاجتماع السيد المهندس/ طارق طلعت – العضو المنتدب باستعراض المذكرة الواردة من رئيس مجموعة الاحتياجات (أحمد ميزار ) بخصوص شراء شحنة فحم 60 الف طن +/- 10% وذلك بصفه عاجلة من شركة ريلانس بتكلفة 236 دولار لكل طن والمرسل نسخة منه لكل الأعضاء.
وأوضح سيادته بأنه نظرًا للاضطرابات السياسية والعسكرية العالمية واتجاه اوروبا الي مقاطعة روسيا اقتصاديا وفرض حظر اقتصادي عليها مما يترتب عليه شراء الفحم المطلوب من مصادر عالمية أخري نتيجة توتر الأوضاع العالمية مما يؤثر بشكل سلبي علي جميع أنواع الطاقة من حيث توافر الكميات وارتفاع الأسعار علي المستوي العالمي كالتالي :
( في 1 فبراير 225 دولار/ طن ، وفي 28 فبراير 274 دولار/طن، وفي 1 مارس 301 دولار/طن، وفي 3 مارس 400 دولار/طن)
وأضاف سيادته أنه طبقا للوضع الحالي لمجموعة مصر للأسمنت بعد شراء شحنة فحم بترولي وفحم حجري طبقا للمناقصة الأخيرة فانه يكفي لإنتاج مخزون الكلينكر في مصنع مصر للأسمنت المنيا حتي شهر نوفمبر 2022 بمتوسط تكلفة قدره 366 جم/طن
هذا وقد تمت موافقة مجلس إدارة شركة مصر للاسمنت –قنا والتوصية بالعرض على مجلس ادارة شركة مصر للاسمنت المنيا للاعتماد حيث كانت مدة العرض 24 ساعه فقط تنتهي في 3/3/2022 الساعة الرابعه عصرًا
وبعد مناقشة السادة الأعضاء تم اتخاذ القرار التالي :-
اعتمد مجلس الادارة بالاجماع شراء شحنة فحم بكمية 60 الف طن +/- 10% وذلك بصفة عاجلة من شركة ريلانس بتكلفة 236 دولار لكل طن بالأمر المباشر – طبقا لشروط السداد المتفق عليها وذلك مناصفة مع شركة مصر للاسمنت – قنا بالاضافة الي تكلفة النقل الداخلي لكل شركة وتفويض الادارة التنفيذية في ذلك. انتهي
ونلاحظ فيما سابق :-
- أن قيمة الأمر المباشر : 66000 طن (باضافة 10%) في 236 دولار لكل طن =15,576.000 دولار امريكي
- الدولار وقت الترسية حتي وقت السداد بمتوسط 25 جنيه = 15,576.000 دولار في 25 جم =389,400,000 جنيه مصري تقريبا بالأمر المباشر
- تم الترسية بالأمر المباشر علي شركة بعينها وهي شركة ريلانس ولم يتم إحضار أية عروض أخرى من شركات منافسة بل ولم يتم حتي مجرّد الاشاره الي ذلك
- المذكرة مقدمة من مسئول الإحتياجات (أحمد ميزار) والرجل نحسبه على خير بحسب محيطين به نفوا تمامًا أنه يقوم بتظبيط الترسيه لمعارف طارق طلعت وبسام عبد الرسول في الإدارة الفنية . وهنا نسأل:
- هل تم استثناء مجدي القصبجي من شراء الفحم من الدول رغم الأوضاع العالمية والاضرابات والحروب العالمية ومقاطعة روسيا؟
- هل لا توجد شركات أخرى تسطتيع شراء الفحم سوي مجدي القصبجي المستثني من هذه الاضطرابات والحروب العالمية؟!
- من أين أتى مجدي القصبجي بالفحم المباع بالأمر المباشر رغم الاضطرابات العالميه ؟!
إل ذلك فإن اختلاق “مبرر” الصفة العاجلة للشراء في سلعة استيراتيجية لا يعمل المصنع بدونها يبدو كأنه أمرًا مفتعلًا من أنفار في الإدارة التنفيذية لتبرير قرار الشراء بالامر المباشر المخالف جملة وتفصيلًا وصراحة للقانون واللوائح، وهو دليل إدانه للعضو المنتدب ذاته ، إذ على هذه الحالة لا يصلح للعمل في هذا المنصب وهو يرمي بـ “الصفة العاجله على سلعة استيراتيجية لا يعمل المصنع بدونها، فطبيعه عمله بالأساس تقتضي في ألف باء إدارة أن يقوم بتخزين كميات تفي للعمل بما لا يقل عن عن ستة اشهر في أدنى تقدير.
- اقتصار الشراء من شركة ريلانس للفحم بالأمر المباشر لصالح الشركتين (مصر للأسمنت قنا و تابعتها شركة أسمنت المنيا) بمساعدة الادارة التنفيذية يجعل الإجراءات الخاصة بالمناقصة التي تم الترسيه فيها علي شركة ريلانس وحدها هي إجراءات صورية في مجملها تمامًا كما العروض من ريلانس أيضًا صورية، خاصه وأن المسئول عن ترتيب هذه الاجراءات أحد المقربين جدًا من طارق طلعت وهو أحمد ميزار
جريدة البلاغ لم تؤمن على الإطلاق ولم تصدّق ما يقال في هذا الأمر من أن شراكة من تحت الطاولة بين العضو المنتدب للشركة طارق طلعت ومجدي القصبي هي ما دعّمت عملية الإسناد بالأمر المباشر، إذ أن الأجهزة الرقابية لديها عيون يقظة، ولا يمكن لها أن تغض الطرف عن هكذا أمور من دون أن تحقق فيها، أيضًا وترفض جريدة البلاغ أحاديث النميمة الخاصة بعلاقة مصلحة بين عنصر رقابي و قيادة كبيرة في مصر للأسمنت رفضت تضمين التقارير معلومة في غاية الأهمية عن شراكة سابقة بين مسؤؤل كبير في الشركة وبين شخص مرتبط بانجاز هذه الصفقة الضخمة من الفحم و كانت السبب في اتمامها بالأمر المباشر لصالح شركة ريلانس.
إننا نضع هذه المخاوف على ما وصلتنا أمام السيد اللواء عبدالفتاح حرحور، وقد قضينا وعدنا مع صاحب الفضيلة الكبيرة، أن توقفنا عن النشر لعدّة أشهر رغبة في أن يتفرغ اللواء حرحور لمهمة الإصلاح بالشركة، انقضت المدة ولم يتحقق شيء.
تابعونا
عبده مغربي