التعدين والمياهمخاطر جيوسياسيةممنوع من النشر

عبده مغربي يكتب.. “المركزي للمحاسبات” يشكك في أرقام “مصر للاسمنت”.. لا تعبّر بعدالة عن القوائم المالية

مؤكد أن اللواء عبدالفتاح حرحور، رئيس مجلس إدارة مجموعة مصر للأسمنت، المقاتل وصاحب التاريخ العسكري المشرّف، لا يستقيم له، ولا منه، ولا عليه، أن يصبح وجوده في الشركة التي يتولى رئاستها مجرّد نزهة له لـ”تغيير الجو” فقط، تاريخ الرجل لا يسمح له بذلك، اللهمّ إلا إذا أصبح الحال على غير الحال، فلم يعد يهتم بتاريخ، ولا بجغرافيا، ولا بما يدور أصلًا تحت سلطانه في ذلك الصرح الكبير.. ولا نظن فيه ذلك.

كما لا يستقيم له ولا منه ولا عليه، أن يتحوّل إلى “ختّامة” لاعتماد ما يُرفع إليه من قرارات، بعضها غير كاشفٍ بالمرّة لما يدور فعليّا على الأرض في الشركة رئاسته، مؤكد أن الرجل بعدما كشفناه في الحلقات الماضية من انحرافات سيكون له رأي آخر، وهو ما تنتظره عدّة دوائر.

وعلى ذلك ومن جهّة أخرى، فإن الرجل الذي بات أقرب إلى تلبية نداء ربّه أكثر من أي وقت مضى، لا يستقيم له ولا منه ولا عليه، أن يوافق أو يقبل أو يُقرّ تلك الانحرافات الضخمة التي تتم بانتظام في شركة مصر للأسمنت، مقولة ” هو عارف كل حاجة وموافق عليها” لا تتوافق و شخصيّة المقاتل، فالرجل الذي حمل روحه على يديّة، لعقود، دفاعًا عن الحق، لا يجب أن يقبل بغير الحق.

إذ كيف سيلقى الله وفي كتابه، مظالم عن أموال يتم توزيعها بغير ما ترتضيه النظم القانونية ولا الشرائع الإلهية..كافّة، فالكفن لا جيوب فيه، وهو في يوم الحساب، إمّا أن يكون ممن رضي الله عنهم وأرضاهم، يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون إلا من اتى الله بقلب سليم، فيؤتى كتابه بيمينه، ثم يزهو فرحًا: ( فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ، إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ) فَيكون جزاءه أن يحيا: (.. فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ، فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ، قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ) الآيات من من سورة الحاقّة.

فيحاسب حسابا يسيرًا وينقلب إلى أهله مسرورا، تلك درجة مؤكد أن الرجل يبتغيها بشدّة ويسعى إليها في دنياه وهو يذهب إلى صلاته كل يوم، أن يكون ذلك هو الجزاء الذي يحب أن يلقى الله  عليه.. وقد بات على مقرّبة من ذلك اللقاء.. فللمال العام حرمة يعرفها الرجل.. نظن، وليس كل الظنّ إثم.

وإمّا أن يكون ممن يؤتِيَ:  (.. كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ، وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ، يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ، مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ) فينادي له : ( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ، ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ، ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ) الأيات أيضّا  من سورة الحاقة، والشاهد فيها أن الرجل يعرف ذلك، ويسعى إلى آخرته بصحيفة بيضاء، أو أغلبها بيضاء، فالدنيا وإن طالت، ليستْ دار قرار.

اللواء عبدالفتاح حرحور

إلى ذلك.. فما سبق..  ليس حصّة دينية، لكنّه، محاولة لفهم حال اللواء عبدالفتاح حرحور أمام كل ما كشفناه من انحرافات في الدواليب الإدارية والمالية بشركة مصر للأسمنت، ومنها عطفًا على ما سبق نشره، ما سنكشفه في السطور التالية.

إلى التفاصيل:

في محاولة لفهم أن”منصب اللواء عبدالفتاح حرحور رئيسًا لمجلس إدارة شركة مصر الأسمنت، هو نوع من التكريم له عن تاريخه الوطني، من جهة، ومن جهة أخرى لمتابعته جهود العضو المنتدب طارق طلعت في تنفيذه سياسات مجلس الإدارة”.. وجدنا في الأوراق أن اللواء حرحور  يقبض عن ذلك التكريم أو هذا “الجهد الذي يقوم به”  خلال السنوات القليلة الماضية، أموالًا ضخمة.. بالملايين، تستوجب عليه ومنه.. إن لم يكن أمام من كلّفوه بالمهمة.. فأمام نفسه على الأقل..الإجابة عن تلك الأسئلة:-

هل بالفعل استطاعت الشركة رئاسته تحقيق الأرباح المعلنة في تقريرها السنوي 2022؟ وإن كانت فما هو ردّه عن المطالبات الضريبية على الشركة والتي بلغت نحو 521 مليون جنيه تتمثل في الآتي : ( نحو 467 مليون جنيه فروق ضرائب شركات أموال عن الأعوام من 2013 حتى 2018 صادر بشأن بعضها قرار بإعادة الفحص، نحو 54 مليون جنيه فروض فحص ضريبة مرتبات عن الأعوام من عام 2015 حتى عام 2019) في حين بلغ مخصص الضرائب لسدادها نحو 8.5 مليون جنيه فقط..؟

إن الفرق بين ما تطالب الجهات السيادية من مصلحة الضرائب وهيئة التأمينات وخلافه يصل إلى أكثر من نصف مليار جنيه، وهو مبلغ كبير للغاية يمكن في حال نجاح الضرائب والجهات الأخرى تأكيد أحقيتها به، أن ينتقل بالقوائم المالية من الربح إلى الخسارة، ساعتها سيكون أعضاء مجلس الإدارة كلّهم مطالبين بإعادة تلك الملايين التي حصلوا عليها كمكافأة لهم من الأرباح.. إلى خزينة الشركة.. فهل وقف السيد “حرحور” على هذه البيانات والأرقام ؟!

وإن كان.. فما هو الموقف لو أثبتت الضرائب وبقيّة الجهات السيادية الأخرى أحقيتها في مبالغ تزيد كثيرًا عن الأرباح المسجّلة بالدفاتر، والتي حصل هو ورفاقه في مجلس الإدارة بموجبها على ملايين الجنيهات؟.. القضية جدًا خطيرة.

جانب من اجتماع الجمعية العمومية

أيضًا فإن إيقاف فرن الكلينكر في الفترة 24 أكتوبر عام 2021 وحتى 31 مارس عام 2022، قد تسبب في عدم إنتاج أية كميات إضافية من الكلينكر، ما بلغت معه التكلفة التي تحملتها الشركة نتيجة توقف إنتاج الكلينكر نحو 61 مليون جنيه، فهل تمت محاسبة العضو المنتدب عن هذا الأمر؟ خاصّة مع تصفية الشركة لكميّة ضخمة من مخزونها الاستراتيجي من الكلينكر في تلك الصفقة المثيرة والتي أضاعات على الشركة إيرادًا ماليًا يقترب من نصف مليار جنيه، لو تم استكماله إلى منتج نهائي.

أيضًا.. إذا كانت الشركة قد حققت إيرادات من بيع  كمّيّة من مخزون “الكلينكر” بلغت قيمتها حوالي 150 مليون جنيه، وهو مخزون من انتاج الإدارة السابقة على إدارة اللواء “حرحور” فإذا خصمنا ذلك المبلغ، من إيرادات الشركة، فكيف سيكون مبلغ الأرباح الذي تم على أساسه توزيع نسبة الـ 10% منها –وهي بالملايين-على أعضاء مجلس الإدارة؟

“النواب” يناقش ضياع 460 مليون جنيه في “مصر للأسمنت”.. و”البلاغ” تحقق في علاقة “القهوجي”

فهل ” كان الغرض من بيع 330 ألف طن من الكلينكر هو تحسين إيرادات الشركة حتى تظهر القوائم  المالية رابحة بشكل جيد، وبالتالي حصول -أو زيادة حصّة- أعضاء مجلس الإدارة من نصيبهم في الأرباح، حتى لو كان ذلك على حساب الأرباح الأكبر التي يمكن أن تتحقق من بقاء تلك الكمية الضخمة من الكلينكر كمخزون استراتيجي  بالشركة في السنوات القادمة” ؟ “بمعنى.. أن الغرض من عملية البيع هو إدخال إيرادات للشركة من باب عيشنى النهاردة وموتني بكرة.. بكره محدش عارف مين قاعد فينا ومين فينا ماشي”؟.. لا أظن، أعتقد أن لدى اللواء حرحور تفسير آخر.

على ذلك وإن كان رأس المال العامل قد ظهر بالسالب في 31 مارس عام 2022 بنحو 114 مليون جنيه، فهل يمكن هنا قبول فكرة أن إدارة العضو المنتدب للشركة قد حققت إنجازات فعلية على الأرض؟

على أنه يبقى ما سبق محل سجالات محاسبية، بين الجهات الحكومية والشركة، تتأكد نتيجته عندما ينتهي هذا السجال الخطير، وهي نتيجة ينتظرها كافة الأطراف باهتمام كبير

لكن ما يبدو أنه أمر غريب، هو تخصيص الشركة سيارات فارهة لرئيس مجلس الإدارة وللعضو والمنتدب، إذ أن ذلك الأمر يطرح سؤالًا جوهريًا:-

كيف يتم صرف بدلات انتقال  لـ”حرحور” ولـ “طلعت” بما يقترب من نصف مليون جنيه لكل منهما رغم أن شركات المجموعة كلها في مبنى واحد؟ و رغم وجود سيارات فارهة تحت تصرفهما طوال الوقت؟.. فهل يستقيم صرف بدل انتقال لهما ولدى كل منهما سيارات مخصصة لهذا الغرض..؟!

الإجابة عند الجهات الرقابية، و مؤكد قبلها عند السادة “حرحور” و “طلعت”.

لقد أثار سفر طارق طلعت قبل أيًام إلى الأقصر من دون ذهابة لتقديم واجب العزاء في فقيد مصنع أسمنت قنا، الذي لقي حتفه على خلفية انفجار خزان المازوت، حفيظة العديد من عمال وموظفي الشركة في قنا والقاهرة معًا، فالشركة التي تدفع له ما يقرب من نصف مليون جنيه مصاريف انتقال، كانت تستوجب عليه أن يذهب لتضميد آلام أسرة فقدت أعز ما لديها في غمضة عين، لا لشئ، إلا لأن أعمال الصيانة لذلك الخزان الذي انفجر لم تكن على النحو المطلوب.

طارق طلعت .. العضو المنتدب

وهو ما يطرح سؤالًا عن سبب زيارته للأقصر وجدواها، أو الغرض منها إذا لم يتضمن جدولها زيارة المصنع، أو زيارة أسرة الفقيد؟ّ.. فأي مسئولية اجتماعية يضطلع بها الرجل، وقد تخلى عن أهم معالمها في تقديم واجب العزاء لأسرة موظف لديه لقيّ حتفه وهو في ريعان شبابه أثناء العمل؟!

إلى ما سبق.. ومع تأكيد مراقب الحسابات التابع للجهاز المركزي للمحاسبات في 30 سبتمبر 2022 أن: “أعمال الفحص لقائمة المركز المالي للشركة التي تبلغ قيمة أصولها  نحو 2 مليار و 190 مليون جنيه، لا تعبّر بعدالة ووضوح في جميع جوانبها الهامة عن المركز المالي المستقل الدوري للشركة، ولا عن آدائها المالي وتدفقاتها النقدية في الـ9 أشهر المنتهية في ذلك التاريخ، وذلك طبقًا لمعايير المحاسبة المصرية، والقوانين المصرية ذات العلاقة”، فإن ذلك يستدعي، الرد بشكل حاسم من مجلس إدارة شركة مصر للأسمنت على ما اثاره الجهاز المركزي للمحاسبات والذي من المؤكد أنه جد خطير.

في الحلقة القادمة

قراءة فنية في القوائم المالية.   

حصري.. ثلاثة وزراء يتربحون ربع مليار جنيه من بيع تأشيرة الرئيس السيسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى